ᴡ鷡

تحديث مبادرة التراث الثقافي: توثيق الملاحات (الأحياء اليهودية) في تزنيت، المغرب

رتيبة ركلمة

أستاذة الاثار والتراث بكلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية بايت ملول – جامعة ابن زهر – أكادير

تزخر المملكة المغربية بموروث ثقافي غزير ومتنوع، وضارب في عمق تاريخها. وتعتبر الثقافة اليهودية رافدا من روافد ثقافتها الأصيلة. وإذا كان من الصعب تحديد اطارها التاريخي بدقة، فلا شك أنها تعود لفترات موغلة في القدم، تصل حسب شواهد قبور يهود منطقة افران الاطلس الصغير إلى الالف الثانية قبل الميلاد

خريطة المغرب تشير إلى منطقة تزنيت حيث تم تنفيذ مشروع التوثيق ( تم الاطلاع في ٤ يوليو / تموز ٢٠٢٣)

لقد اهتم بعض الدارسين بهذا الموروث الثقافي، وبخاصة بالحواضر الكبرى مثل فاس والصويرة ومراكش. ليطال – بالمقابل- التراث اليهودي بالجنوب المغربي النسيان لآماد طويلة، رغم ثراء شواهده المادية وغير المادية، ومساهمته الهامة في الميادين التاريخية والثقافية والاقتصادية. إنه تاريخ الهامش الذي يحتاج إلى تظافر الجهود للكشف عن خباياه، وتثمين نفائسه، في منطقة كانت صلة وصل بين افريقيا جنوب الصحراء وشمال المغرب في مجال تجارة القوافل

في هذا الإطار، قامت الجمعية الامريكية للأبحاث في ما وراء البحار (ASOR)، بدعم بحث حول ملاحات مداشر إقليم تيزنيت التي أشار لجزء منها بعض المؤرخين والرحالة مثل محمد المختار السوسي وشارل دوفوكو و شوميل. غير أن هذه الدراسة التي قمنا بها لهذا الإقليم، تهدف إلى جرد التراث الثقافي اليهودي، مع التركيز على الشق المادي منه أي الملاحات وما تضمه من منازل ومعابد بالإضافة إلى الأسواق التي كان يشرف عليها اليهود وكذا المقابر التي مازال البعض منها يحتفظ بشواهد تحمل أسماء أصحابها مكتوبة باللغة العبرية

:لقد تم إحصاء سبع ملاحات بالاقليم، نذكرها على النحو التالي

ملاح تهالة بجماعة تهالة –

ملاح تاتلت بجماعة أملن –

ملاح تاندغورت بجماعة تارسواط –

ملاح ايليغ بجماعة سيدي احماد أوموسى –

ملاح تيللين بجماعة أنزي –

ملاح أسكا أوبلاغ بجماعة وجان –

ملاح وجان بجماعة وجان –

بقايا ملاح تهالة بتيزنيت (تصوير رتيبة ركلمة)
البقايا المهدمة في ملاح تهالة بتيزنيت (تصوير رتيبة ركلمة)
السوق الدولي لملاح ايليغ – جماعة سيدي احماد أوموسى (تصوير رتيبة ركلمة)

إلى جانب هذه الاحياء السكنية، مازالت بعض الأماكن تحتفظ بطوبونيميا الوجود اليهودي منها فضاء ” دو الملاح” (أسفل الملاح) بدوار أمراغ بجماعة أكلو، و”تيزا أوداين” (حجارة اليهود) على مقربة من دوار تشكت بجماعة سيدي احماد أوموسى.ى

يضم كل ملاح معبد أو معبدين، يتميزان بوجود أربع أعمدة بالوسط. بنيت هذه المباني بالحجارة وتحمل بعض الزخارف بواجهاتها الامامية مثل المثلثات المدرجة والاقواس المنكسرة. ة

أما فيما يهم المقابر اليهودية، فعادة ما توجد مقبرة للكبار وأخرى للصغار على غرار مقبرة ملاح أسكا أوبلاغ ، وأحيانا نجد ثلاث مقابر مثل المقابر اليهودية بالقرب من ملاح تيللين.ن

بقايا منزل يهودي في ملاح تيللين بتيزنيت (تصوير رتيبة ركلمة)
بقايا منزل يهودي في ملاح تاندغورت بتيزنيت (تصوير رتيبة ركلمة)
بقايا منزل في ملاح تاندغورت بتيزنيت (تصوير رتيبة ركلمة)

كل هذه المقابر تم تسويرها رغم عدم وجود الشواهد بها باستثناء مقبرة الكبار بايليغ وتهالة اللتان تضمان شواهد قبور مكتوبة بالعبرية. أما فيما يهم المقبرة اليهودية بوجان، فقد طمست أغلب معالمها وهي غير محاطة بسور و لم تحتفظ سوى بطومونيميا المكان المعروف محليا ب “توريرت أوداين” أو “توريرت أوموس” أو “لمدينت أوداين” وتعني

“.على التوالي: قصبة اليهود أو “قصبة موسى” أو “مقبرة اليهود

المعبد اليهودي في ملاح تيللين بتيزنيت (تصوير رتيبة ركلمة)
المعبد اليهودي في ملاح تيللين بتيزنيت (تصوير رتيبة ركلمة)

أما من حيث التراث اللامادي، فمن المعروف ارتباط إقليم تيزنيت بأسطورة قدوم بعض اليهود للمغرب عبر البحر من خلال موقع ” اكريزيم” بجماعة اربعاء الساحل حيث سمى هذا الجبل باكريزيم تيمنا بجبل البركة “كريزيم” بالقرب من مدينة نابلس

قبر في المقبرة اليهودية بايليغ – جماعة سيدي احماد أوموسى (تصوير رتيبة ركلمة)
مقابر اليهود في المقبرة اليهودية في ملاح تهالة بتيزنيت (تصوير رتيبة ركلمة)
قبر الحزان مرمم بمقبرة اليهود بايليغ بتيزنيت (تصوير رتيبة ركلمة)

يظهر مما سبق، مدى غنى إقليم تيزنيت بالتراث اليهودي في شقه المادي الذي هو في حاجة ماسة الى مشاريع ملموسة من أجل جرده، وتسجيله ضمن قوائم التراث الوطني والعمل على ترميمه وتثمينه والمحافظة عليه، والاعتماد عليه كرافد من روافد السياحة الثقافية بالمنطقة وكصورة من صور العيش المشترك بين يهود ومسلمي الإقليم

لباس اليهود من ملاح تهالة بتيزنيت (تصوير رتيبة ركلمة)
لباس الرجل اليهودي في ملاح تهالة بتيزنيت (تصوير رتيبة ركلمة)