ᴡ鷡

الحقيبه المتحفيه للترابط و الفهم في ليبيا

الحاجة إلى “الحقيبة” المتحفية

تلعب المتاحف دوراً حيوياً في المجتمع كمؤسسة للتعليم والالهام ، وفي نشر الوعي بالتراث الثقافي. وفي ليبيا التى تمتلك أكثر من عشرين متحفا رسميا وعدد كبير من المتاحف الخاصة في جميع انحاء البلاد ، فإن الظروف الخاصة التي تعرضت لها البلاد منذ ثوره 2011 ، دفعت السلطات الرسمية الى إغلاق هذه المتاحف مؤقتاً ، وقد اتخذ هذا القرار من قبل أداره الآثار المحلية لحماية هذه الموارد خلال الصراع الدائر ، حيث نهبت و تضررت العديد من المواقع والأصول التراثية الثقافية. ومن جهة اخري هناك بعض المدن في ليبيا ليس لها متاحف ، ولم يكن لديها أبدا برنامج توعية اثرية لربط المواطنين بماضي البلاد الثري والمتنوع.

وفي ضوء هذه الحالة ، قامت مجموعة من علماء الآثار والباحثين والمهتمين وأعضاء من الكشافة والمرشدات في ليبيا بحملة توعية اثرية و تفعيل برامج تفاعلية ميدانية للمساعدة في ملء الفراغ الذي أوجده الإغلاق المؤقت للمتاحف. فى ظل وجود حاجة ماسة إلى توفير التعليم وأنشطة الاشراف التي تعزز التفاهم الثقافي وتتصدي للتطرف العنيف وتدمير التراث

(خلفية “الحقيبة المتحفية” (2018

بدعم مالي من سفارة الولايات المتحدة الامريكية في ليبيا ووزارة الخارجية الاميركية ، تقوم مجموعة من علماء الآثار والباحثين والمعلمين والكشافة الليبيين ، تحت اشراف قادة المشروع الوطنى الليبى للحقيبة المتحفية ، بتنفيذ برنامج للتثقيف والتوعية العامة لحماية التراث الثقافي. وقد أمضي طلال بريون ، ممثل المدرسة الامريكية للدراسات الشرقية (ASOR) في ليبيا ، ما يقرب من ثلاث سنوات من العمل بلا كلل لمساعدة هذا المشروع علي النمو. وافاد “بريون” بان “الطاقة الخلاقة التي شارك بها المشاركون من جميع انحاء البلاد مع هذا المشروع تتجاوز الكلمات. والآن بما اننا نري مثل هذه العلامات الواضحة للنجاح ، يبدو اننا نحقق حلماً قديما. وقد بدا هذا الحلم بسؤال بسيط : كيف يمكننا مواصلة ربط الشباب الليبي بثقافتهم وتغيير وجهه نظر جيل بأكمله في الوقت الذي يتم فيه إغلاق جميع متاحفنا ؟ “

الكشافة يزورون صبراتة بالتزامن مع مشروع الحقيبة المتحفية

وقد استلهم المشاركون من ورشتى التوعية العامة التي استضافتها كلية اوبرلين والتي أجراها بول اورسيلي و سوزان كين في مارس 2017 و أبريل 2018 ، طرق البحث عن سبل لتنفيذ أنشطة التوعية الجديدة في ليبيا. وكجزء من اتفاقية تعاون سابقة (في 2018) مع وزاره الخارجية الاميركية ، دعمت إيسور ASOR هذا الفريق في إنشاء “متاحف في حقيبة”. ووزعت “مجموعات من أدوات عملية ملموسة” تعبر بشكل واقعى حقيقى عن التراث الثقافي علي نطاق واسع في جميع انحاء البلاد. وتحتوي كل حقيبة علي مواد تقدم لمحة عامة مركزة عن التراث الثقافي الليبي الغزير والمتنوع ، وكمية من الإمدادات المحلية التي تساعد علي تسهيل سلسلة من الانشطة التطبيقية التفاعلية بما في ذلك حفريات وهمية لاغراض التدريب والتوعية، وتوثيق التحف (المقلدة من المزهريات واوانى الشراب والطعام وتخزين وحفظ الأغذية وطرق صيد الحبار والمصابيح الرومانية الزيتية وغيرها) ، و الحفاظ علي الصناعات الفخارية المتنوعة التى تشتهر بها البلاد منذ قديم الزمن

وبمجرد ان توضع “مجموعات الادوات” أو “الحقائب النقالة” في ايدي قادة الكشافة والمهنيين المُدربين ، يمكن استخدامها عدة مرات. بالتالي فانها توفر الموارد المُستدامة لتنظيم فعاليات توعية بالتراث الثقافي في جميع انحاء ليبيا

(أحدث مرحلة (2019 و 2020

بدعم جديد في 2019 و 2020 من صندوق السفراء التابع لوزارة الخارجية الاميركية للحفاظ علي الثقافة (AFCP) ، إنشات إيسور 12 حقيبة اضإفية بالتالي تضاعف عدد “المتاحف المتنقلة” المتاحة في ليبيا. وعلاوة علي ذلك ، قمنا بتوسيع نطاق التوعية الجغرافية خلال هذه المرحلة الجديدة لتشمل المشاركين في غدامس ، صبراتة ، ليبتس ماجنا لبدة الكبرى ، بني وليد ، سرت ، البيضاء – شحات ، سبها ، طبرق ، نالوت ، غات ، العوينات ، جيرمة – الغريفة ، زوارة ، هون – الجفرة ، طرابلس وبنغازي (انظر الخريطة أدناه). وفي كل موقع ، تم تحديد الافراد الرئيسيين المرتبطين باداره الآثار ، والكشافة والمرشدات في ليبيا ، أو الجامعات المحلية كحارس للحقيبة المتحفية والمسؤول عن فعاليات التوعية بالتراث الثقافي الجارية في المدارس المحلية وفي أماكن أخرى

المدن التي يخدمها مشروع الحقيبة المتحفية

فعاليات التوعية بالتراث الثقافي في صبراتة : واحدة من هؤلاء القادة الرئيسيين للمشروع هي الدكتورة مفيده محمد ، رئيسة قسم الآثار بكلة الآداب والتربية في جامعة صبراتة. ووفقا للدكتوره مفيده محمد ، “مشروع المتحف في الحقيبة هو وسيلة هامه بالنسبة لنا لتزويد طلابنا بتجربة تفاعلية للتراث الثقافي. لسوء الحظ ، المعرفة العامة عن التاريخ وعلم الآثار ضعيفة نسبياً ، والحقيبة توفر لنا وسيلة لتدريس هذه المواضيع بطريقة أكثر جاذبية ، بدلا من مجرد الاعتماد علي الكتب المدرسية “. في صبراتة ، أحد المواقع الخمسة للتراث العالمي لليونسكو في ليبيا ، تعتقد الدكتورة مفيده محمد ان هذا البرنامج يساعد علي توسيع مفهوم الأهمية القصوى للمحافظة على التاريخ المحلي. وأضافت: “يعتقد معظم الناس ان صبراتة ليست سوي مدينة رومانية ، لكن المواد التي في الحقيبة تساعدني في وصف تاريخنا بأنه فينيقي وبيزنطي أيضا”

وعلي الرغم من مسؤوليتها الاساسيه في تعليم طلاب الجامعة ، فقد استخدمت الدكتورة مفيدة أيضا المتحف في حقيبة لرفع مستوي الوعي حول حماية التراث الثقافي بين تلاميذ المدارس المحلية فى صبراتة وكذلك افراد شرطة السياحة المحلية ، لفرض القانون و الحماية المادية لموقع صبراتة الاثري والمناطق المحيطة به. وأضافت الدكتورة مفيدة: “نظرا للظروف الصعبة التي نواجهها حاليا في ليبيا ، ونقص الموارد في جامعتنا ، فان أنشطة الحقيبة هذه تساعد كلا من طلابنا والمدربين علي نسيان بعض الجوانب المحبطة من حياتنا والتركيز علي شيء نهتم به جميعا: حماية ثقافتنا “

د. مُفيدة محمد تقدم مُحاضرة بإستخدام الحقيبة المتحفية لأفراد وضباط الشرطة السياحية في صبراتة

فعاليات التوعية والتوعية بالتراث الثقافي في بنغازي : هي اكبر ثاني مدينة في ليبيا ، بنغازي ، يحلم المجتمع إلى إنشاء المتحف الخاص بالمدينة والمناطق المحيطة بها . انهم يطمحون لعرض تاريخ غني يعود إلى تاسيس المدينة من قبل الإغريق في القرن السادس قبل الميلاد. وقد قاد عبد الحفيظ المسلاتي مشروع الحقيبة المتحفية في بنغازي ، وهو واحد من أنشط المشاركين في البلاد. في حين ان بنغازي لا تزالت تتعافي وتحاول إعادة بناء ذاتها بعد حصار داعش ، تمكن المسلاتي وزملائه من تنظيم ورش عمل نشطة ومكثفة ومشوقة جداً (حوالى من 4 إلى 5 ورش عمل في الشهر) باستخدام المتحف في حقيبة لاشراك الطلاب من مختلف الفئات العمرية ، بدءا من مرحله ما قبل المدرسة إلى طلاب الجامعات

طلاب بنغازي يستخدمون المواد الثقافية الملموسة للحقيبة المتحفية

وفي تقدير المسلاتي ، فان برنامج التراث الثقافي والتوعية الذي اتاحته “الحقيبة المتحفية” يبرز الأفضل في كل طالب. هذه الاحداث تساعد هؤلاء الأطفال والشباب علي اكتشاف نقاط القوة والمواهب والاهتمامات الجديدة

ويقدم قادة البرنامج أيضا التدريب للمعلمين ، لافتا الإنتباه إلى أساليب جديدة فى التعليم لإثراء مناهج التاريخ والتراث الثقافي المستخدمة حالياً ، بشكل متزايد ومتميز ، يعتمد المعلمون والطلاب في بنغازي (وفي الواقع ، في جميع انحاء البلاد الليبية) علي مشروع الحقيبة المتحفية كمصدر رئيسي للتعلم الميدانى عن التاريخ والتراث الثقافي

وفي بنغازي ، استطاع المسلاتي تكوين جيل يعي اهمية الموروث الثقافي الليبي الغنى والغزير جداً ، و يحافظ عليه في المستقبل

ووفقا لطلال بريون ، “كل أسبوع ، ياتي علي الأقل شخص واحد من جميع انحاء البلاد يطلب مني ان أرسل له حقيبة متحفية. وفي الاونة الاخيرة ، طلب أحد الأفراد الحيويين والنشطين من إحدى قبائل الطوارق في منطقة العوينات [واحة تقع في أقصى الصحراء الجنوبية الغربية لليبيا وتبعد عن العاصمة طرابلس حوالى 1360 كلم] طلب حقيبة ، موضحا إنه سيقوم بإستخدامها لزيارة المدارس المحلية لتعليم أبناء وبنات المناطق القريبة والمحيطة المزيد والمزيد عن ثقافتهم الفريدة والمتميزة والموغلة فى القدم . هذا هو الحماس الذي جعلنا فخورين بالمشاركة في هذا البرنامج “

مع مرور كل شهر ، يزداد المتطوعين في حملة الحفاظ علي المورث الثقافي الليبي . ويبقي قادة مشروع الحملة وكل أعضائها و كل الكشافة المشاركين علي علم بالفرص المفتوحة لتقديم التطوع لزيارة المواقع التراثية والمساعدة في تنظيفها وحمايتها

وعلي الرغم من فترات عدم الاستقرار المستمر والصراع المُسلح المباشر في ليبيا ، فقد أستمر عمل حملة مشروع الحقيبة المتحفية بلا توقف واكتسب الشباب والاطفال معلومات في غاية الاهمية عن تراث ليبيا الثري ، وهم علي استعداد للقيام بدور هام في حماية هذا الموروث

دعوة طلاب بنغازي لإنشاء متحف جديد في بنغازي

تابعنونا في مزيد من المقالات عن حملة المشروع الوطنى الليبى للحقيبة المتحفية للحفاظ علي الموروث الثقافى الليبي .